فصل: اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ تُبَاعُ فَتَحِيضُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي لِعَانِ الْأَعْمَى:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَعْمَى إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَيَلْتَعِنُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: لِمَ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ: إنَّهُ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ فِي الْحَمْلِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْتَعِنَ فِي الْحَمْلِ، فَهُوَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْتَعِنَ إذَا ادَّعَى الرُّؤْيَةَ.
قَالَ غَيْرُهُ بِعِلْمٍ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَسِيسِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْعِلْمِ، وَأَمَّا رُؤْيَةٌ فَلَا، قَالَهُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} وَالْأَعْمَى عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ زَوْجٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اللِّعَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ مَالِكٌ: جُعِلَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَيَحْمِلُهُ فِي دِينِهِ.

.فِي لِعَانِ الْأَخْرَسِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَخْرَسَ هَلْ يَلْتَعِنُ إذَا قَذَفَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْكِتَابِ؟
قَالَ: نَعَمْ، إنْ فَقِهَ مَا يُقَالُ لَهُ وَمَا يَقُولُ.
وَسَأَلْتُهُ عَنْ الَّذِي يَدَّعِي الرُّؤْيَةَ فِي امْرَأَتِهِ، فَيَلْتَعِنُ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ لِأَدْنَى مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ ادَّعَى الرُّؤْيَةَ قَالَ: الْوَلَدُ وَلَدُهُ لَا يَنْتَفِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إذَا زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَ قَبْلَ أَنْ يَرَى، لِأَنَّ اللِّعَانَ قَدْ مَضَى وَلِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ ابْنُهُ لِأَنَّهُ رَآهَا يَوْمَ رَآهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ حِينَ وَلَدَتْهُ لِأَدْنَى مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؟
قَالَ: فَالْوَلَدُ لَا يَلْحَقُهُ وَيَكُونُ اللِّعَانُ إذَا قَالَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ نَفْيًا لِلْوَلَدِ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَزَلْ أَطَؤُهَا وَهَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا أَلْتَعِنُ بِالرُّؤْيَةِ، وَقَدْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَدْنَى مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَأَلْحَقَتْهُ بِأَبِيهِ أَلَا يَثْبُتُ أَنْ يَكُونَ قَاذِفًا، وَيُجْلَدَ الْحَدَّ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ حِينَ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ: هَذَا لَيْسَ مِنِّي قَدْ كُنْتُ اسْتَبْرَيْتُ فَنَفَيْتُ الْوَلَدَ وَتَمَّ اللِّعَانُ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: الْوَلَدُ لِي وَلَمْ أَكُنْ اسْتَبْرَأْتُ يَوْمَئِذٍ وَأَنَا كَاذِبٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، أَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَدٌّ لِأَنَّ اللِّعَانَ قَدْ كَانَ بِرُؤْيَةٍ؟
قَالَ: أَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا لِأَنَّ اللِّعَانَ الَّذِي كَانَ لَمَّا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَمَا وَضَعَتْهُ بَعْدُ كَانَ نَفْيًا لِلْوَلَدِ، فَلَمَّا اسْتَلْحَقَهُ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ صَارَ قَاذِفًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ يَشْهَدُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا؟
قَالَ: يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَيُجْلَدُ الثَّلَاثَةُ.
قَالَ يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي الْمَرْأَةِ يَشْهَدُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا؟
قَالَ: أَبُو الزِّنَادِ كَانَ الْقَاذِفُ زَوْجَهَا أَوْ غَيْرَهُ يَأْتِي بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ أَوْ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ هَهُنَا وَيُجْلَدُ الْآخَرُونَ.
قَالَ يُونُسُ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَا يُرْجَمُ وَلَا يَرَى زَوْجَهَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ رَدَّ شَهَادَتَهُ عَنْهَا بِالْمُلَاعَنَةِ، وَنَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الزَّوْجِ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَنَرَى أَنْ يُلَاعِنَهَا زَوْجُهَا فَإِنْ نَكَصَ عَنْ مُلَاعَنَتِهَا جُلِدَ الْحَدَّ وَإِنْ لَاعَنَهَا فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ قُسَيْطٍ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَيُجْلَدُ الْآخَرُونَ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ مِثْلُهُ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي رَجُلٍ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَجَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَلَاعَنَ الزَّوْجُ وَيُجْلَدُ الثَّلَاثَةُ ثُمَّ جَاءَ بِرَجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ؟
قَالَ: يُجْلَدَانِ.

.تَرَكَ رَفْعِ اللِّعَانِ إلَى السُّلْطَانِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تُرَافِعْهُ إلَى السُّلْطَانِ، أَيَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَذَفَ رَجُلًا فَلَمْ يَرْفَعْهُ الْمَقْذُوفُ إلَى السُّلْطَانِ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى الْقَاذِفِ.

.لِعَانُ امْرَأَةٍ بِكْرٍ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَبْنِ بِهَا وَلَمْ يَخْتَلِهَا حَتَّى جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ أَيُلَاعِنُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُلَاعِنُ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ كَانَ يَغْشَاهَا وَكَانَ مَا قَالَتْ يُمْكِنُ وَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا سُكْنَى عَلَيْهِ وَلَا مُتْعَةَ، قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ، أَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْوَلَدُ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ، فَإِنْ لَاعَنَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا ادَّعَتْ مِنْ إتْيَانِهِ إيَّاهَا يُمْكِنُ فِيمَا قَالَتْ.
قَالَ يُونُسُ إنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِكْرًا فَلَمْ يَجْمَعْهَا إلَيْهِ حَتَّى حَمَلَتْ، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ زَوْجِي كَانَ يَغْشَانِي فِي أَهْلِي سِرًّا، فَسُئِلَ زَوْجُهَا فَقَالَ: لَمْ أَغْشَهَا وَإِنِّي مِنْ وَلَدِهَا لَبَرِيءٌ، فَقَالَ: سُنَّتُهَا سُنَّةُ الْمُلَاعَنَةِ يَتَلَاعَنَانِ وَلَا يَنْكِحُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.
قَالَ يُونُسُ وَقَالَ رَبِيعَةُ إذَا تَكَلَّمَتْ بِذَلِكَ وَعَرَفَ مِنْهَا لَاعَنَهَا، وَإِنْ مَضَتْ سِنُونَ وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ قُسَيْطٍ إنَّهُ يُلَاعِنُهَا إنْ تَمَّتْ نَكِرَتُهُ.

.نَفَقَةُ الْمُلَاعَنَةِ وَسُكْنَاهَا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَانْتَفَى مِنْ حَمْلِهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ بَعْدَمَا وَلَدَتْهُ، فَجَلَدَتْهُ الْحَدَّ، وَأَلْحَقَتْ بِهِ الْوَلَدَ، أَيُجْعَلُ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةَ الْحَمْلِ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى حَالِ الزَّوْجِ يَوْمَئِذٍ حِينَ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَوْمَئِذٍ مُوسِرًا لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ وَإِنْ كَانَ يَوْمَئِذٍ مُعْسِرًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الْحَمْلِ مُعْسِرًا وَفِي بَعْضِ الْحَمْلِ عَدِيمًا؟
قَالَ: يَلْزَمُهُ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ مَا كَانَ فِيهِ مُوسِرًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ مَا كَانَ مُعْسِرًا، وَإِنَّمَا قُلْتُهُ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَهِيَ حَامِلٌ أَنَّ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُلَاعَنَةَ، أَيَكُونُ لَهَا السُّكْنَى وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَبْتُوتَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِلْمُلَاعَنَةِ السُّكْنَى.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا مُتْعَةَ لَهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُلَاعَنَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا، فَالْتَعَنَ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْمُتْعَةُ وَالسُّكْنَى؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ لِلْمُلَاعَنَةِ مُتْعَةٌ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، سَمَّى لَهَا صَدَاقًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا لَا تَكُونُ الْمُتْعَةُ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُلَاعَنَةَ لِمَ جَعَلَ لَهَا مَالِكٌ السُّكْنَى وَهُوَ لَا يَلْحَقُهُ مِنْهَا الْوَلَدُ؟
قَالَ: لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ مَبْتُوتَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهَا السُّكْنَى، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُنْكَحَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.

.مُلَاعَنَةُ الْحَائِضِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ وَيَنْتَفِي مِنْ وَلَدِهَا وَيَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ وَهِيَ فِي دَمِ نِفَاسِهَا أَوْ حَائِضٌ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِيهِ وَلَا يُلَاعِنُ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَطْهُرَ، إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ فِي الَّذِي لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ فَيَأْتِي الْأَجَلُ وَهِيَ حَائِضٌ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَطْهُرَ، وَفِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِيسِ امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ كَذَلِكَ إلَّا الْمَوْلَى وَحْدَهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا غَيْرَ مَرَّةٍ وَأَخْبَرَنِي بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ قَالَ: إذَا وَقَفَهُ السُّلْطَانُ وَهِيَ حَائِضٌ فَلَمْ يَفِ طَلَّقَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ.

.مُتْعَةُ الْمُلَاعَنَةِ:

قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتُمْ فِي الْمُلَاعَنَةِ: إنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا وَهِيَ لَيْسَتْ كَالْمُخْتَلِعَةِ لِأَنَّهَا لَا تُعْطِي الزَّوْجَ شَيْئًا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ لِي: لَا مَتَاعَ لِلْمُلَاعَنَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي قَلْبِي لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا حِينَ أَنْكَرَتْ مَا قَالَ، فَلَمَّا وَقَعَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَالْتَعَنَتْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَتَاعٌ، لِأَنَّ الْفِرَاقَ لَمْ يَكُنْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ.

.كتاب الاستبراء:

.فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ:

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى أَمَةً مُسْتَحَاضَةً يَعْلَمُ ذَلِكَ بِكَمْ يَسْتَبْرِئُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَسْتَبْرِئُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ لَا يُبْرِئَهَا ذَلِكَ أَوْ تَشُكَّ، فَيَرْفَعُ بِهَا إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَهَذِهِ وَاَلَّتِي رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ اسْتِبْرَاءَهَا عِنْدَهُ إنَّمَا كَانَتْ حَيْضَةً، فَلَمَّا رَفَعَتْ هَذِهِ حَيْضَتُهَا وَاسْتُحِيضَتْ هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ لَا حَيْضَةَ لَهَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا جَاءَهَا دَمٌ لَا تَشُكُّ فِيهِ وَلَا يَشُكُّ النِّسَاءُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ لِلَوْنِهِ وَتَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ بِمَعْرِفَةِ النِّسَاءِ بِهِ: رَأَيْتُهُ قُرْءًا وَتَكُفُّ عَنْ الصَّلَاةِ، فَهَذِهِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ الْمُسْتَحَاضَةُ كَذَلِكَ إذَا جَاءَ مِنْهَا فِي دَمِهَا دَمٌ لَا تَشُكُّ وَلَا يَشُكُّ النِّسَاءُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ رَأَيْتُ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءً وَتَحِلُّ لِسَيِّدِهَا، مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا جَعَلَ مَالِكٌ الْمُسْتَحَاضَةَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ النِّسَاءُ وَلَا هِيَ حَيْضَتَهَا، فَإِذَا عَرَفَتْ كَانَتْ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ الْعَذْرَاءِ أَوْ غَيْرِهَا حَاضَتْ أَوْ لَمْ تَحِضْ أَوْ قَعَدَتْ قَالَ رَبِيعَةُ: يَنْتَظِرُ بِهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَا نَعْلَمُ بَرَاءَتَهَا إلَّا بَرَاءَةَ الْحُرَّةِ هَهُنَا.
قَالَ يَحْيَى: فَاَلَّتِي تُبَاعُ مِنْهُنَّ تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً مِنْ الْإِمَاءِ اللَّاتِي لَمْ يَحِضْنَ.

.اسْتِبْرَاءُ الْمُغْتَصَبَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ غَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ، أَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ أَمَتَهُ ثُمَّ عَجَزَتْ، أَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لِأَنَّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُهَا وَقَدْ أَطْلَقَهَا تَدُورُ، وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ لَمْ تَخْرُجْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ جَارِيَةً أَجْنَبِيَّةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الشِّرَاءِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ غَصَبَهَا رَجُلٌ فَرَدَّهَا عَلَيَّ أَيَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إذَا غَابَ عَلَيْهَا الَّذِي غَصَبَهَا وَجَبَ عَلَيْكَ الِاسْتِبْرَاءُ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ الْحُرَّةَ فَيَنْقَلِبُ بِهَا وَيُغْلِقُ عَلَيْهَا بَابَهُ فَتَسْتَحِقُّ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَتَقُومُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةُ فَيُقِرُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَتُقِرُّ الْمَرْأَةُ بِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا.
قَالَ: مَا أَرَى أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ رَحِمَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا بَابَهُ وَخَلَا بِهَا.
قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا أَتَرَى عَلَيْهِ فِي وَطْئِهَا شَيْئًا حِينَ خَرَجَتْ حُرَّةً صَدَاقًا أَوْ غَيْرَهُ؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ عِنْدَهُ مِلْكٌ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ رَأَيْتُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ.
قُلْتُ: أَفَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ مَعَ الْحَدِّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.

.اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ يَسْبِيهَا الْعَدُوُّ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسَرَ الْعَدُوُّ جَارِيَةً لِي أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ حُرَّةً، فَرَجَعْنَ إلَيَّ، أَيَكُونُ عَلَيَّ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْكَ الِاسْتِبْرَاءُ.
قُلْتُ: فَبِكَمْ تَسْتَبْرِئْهُنَّ؟
فَقَالَ: الْحُرَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَالْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِحَيْضَةِ حَيْضَةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ قُلْنَ لَمْ تُوطَأْ وَاحِدَةٌ مِنَّا؟
قَالَ: لَا يُصَدَّقْنَ، وَعَلَيْهِنَّ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ قَبَضُوهُنَّ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ لَهُنَّ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ فَالِاسْتِبْرَاءُ لَازِمٌ.

.اسْتِبْرَاءُ الْمَوْهُوبَةِ وَالْمَرْهُونَةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَهَنْتُ جَارِيَةً فَافْتَكَكْتُهَا أَيَكُونُ عَلَيَّ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا يَكُونُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَوْدَعَهَا رَجُلًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهَبْتُ لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَعَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ ارْتَجَعْتُهَا، أَيَكُونُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتُ: وَلَا يَكُونُ هَذَا مِثْلَ الْبَيْعِ؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّ هَذَا حِينَ غَابَ عَلَيْهَا غَابَ عَلَيْهَا وَهُوَ حَائِزٌ لَهَا، فَعَلَى الَّذِي وَهَبَ إذَا ارْتَجَعَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ، وَالْبَيْعُ يَتَوَاضَعَانِهَا فَإِذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ فِي الْحَيْضَةِ وَيَذْهَبَ عِظَمُ حَيْضَتِهَا، فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ، إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ قَدْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَحَازَهَا لِنَفْسِهِ لَيْسَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ عِنْدَهُ وَلَكِنْ عَلَى الْحِيَازَةِ لِنَفْسِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ إنْ اسْتَقَالَهُ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ يَوْمٍ إذَا غَابَ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهَبْت لِابْنٍ لِي صَغِيرٍ فِي حِجْرِي جَارِيَةٍ أَوْ لِابْنٍ لِي كَبِيرٍ وَهُوَ فِي عِيَالِي، فَارْتَجَعْتُ هِبَتِي اعْتَصَرْتهَا أَعَلَيَّ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ كَانَا فِي يَدِ الْأَبِ لَمْ يَكُونَا يَخْرُجَانِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجَانِ أَوْ قَبَضَهَا الْكَبِيرُ وَغَابَ عَلَيْهَا فَالِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَطِئَهَا الِابْنُ فَلَا اعْتِصَارَ لِلْأَبِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ اعْتِصَارٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَوْدَعَ رَجُلًا جَارِيَةً فَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ أَجْزَتْهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً أَوْ وُهِبَتْ لِي أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيَّ أَوْ صَارَتْ لِي مِنْ مَغْنَمٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أُوصِيَ لِي بِهَا أَوْ وَرِثْتهَا أَوْ صَارَتْ لِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، أَيَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.

.اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ تُبَاعُ فَتَحِيضُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً فَمَنَعَنِي صَاحِبُهَا مِنْ أَنْ أَقْبِضَهَا حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ، فَحَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي إيَّاهَا قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهَا، ثُمَّ دَفَعْتُ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَقَبَضْتُ الْجَارِيَةَ، أَتُجْزِئُ تِلْكَ الْحَيْضَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
فَقَالَ: إنْ أَخَذَهَا فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي آخِرِ حَيْضَتِهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ طَهُرَتْ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً وَعَلَى الْبَائِعِ الْمُوَاضَعَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْقَبْضُ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَيُجْزِئُ الْمُشْتَرِيَ هَذِهِ الْحَيْضَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَمْ لَا؟
قَالَ: إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَسْأَلْهُ الْقَبْضَ وَالْبَائِعُ لَمْ يَمْنَعْهُ، إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ فَأَبْطَأَ عَنْ الْقَبْضِ حَتَّى حَاضَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ جَاءَ لِيَقْبِضَهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَأَرَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ رَأَيْتُ أَنْ يَتَوَاضَعَاهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَنَعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَحَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ تَوَاضَعَاهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْكَنَهُ مِنْهَا وَتَرَكَهَا عِنْدَهُ، فَإِنَّ حَيْضَتَهَا اسْتِبْرَاءٌ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ ضَمَانَهَا كَانَ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ وَضَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَهِيَ حَائِضٌ، أَتُجْزِئُهُ هَذِهِ الْحَيْضَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ؟
قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ،
وَإِنْ كَانَتْ فِي آخِرِ الْحَيْضَةِ لَمْ يُجْزِهِ مِثْلُ الْيَوْمِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَتَتْ عَلَى آخِرِ حَيْضَتِهَا اسْتَقْبَلَتْ حَيْضَةً أُخْرَى، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ قَدْ حَاضَتْ عِنْدَ بَائِعِهَا فَلَمَّا اشْتَرَاهَا رَأَتْ الدَّمَ عِنْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ حَيْضَتِهَا الَّتِي حَاضَتْهَا عِنْدَ الْبَائِعِ، أَيَكُونُ هَذَا اسْتِبْرَاءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا اسْتِبْرَاءً.
قُلْتُ: وَتَدَعُ الصَّلَاةَ.
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَلِمَ لَا تَجْعَلُهُ اسْتِبْرَاءً؟
قَالَ: لَا يَكُونُ الدَّمُ الَّتِي تَرَاهُ اسْتِبْرَاءً حَتَّى يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ مَا يُعْلَمُ أَنَّ الدَّمَ الثَّانِي حَيْضٌ، فَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ مَا يُعْلِمُ أَنَّ الدَّمَ الثَّانِي حَيْضَةٌ كَانَتْ حَائِضًا قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَرَ هَذَا الدَّمَ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ مُسْتَقْبَلٌ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا، أَتَجْعَلُهُ حَيْضًا وَيُجْزِئُهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ؟
قَالَ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَ إنَّ الدَّمَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُ يَوْمٍ يَكُونُ حَيْضًا كَانَ هَذَا اسْتِبْرَاءً، وَإِلَّا فَلَا أَرَاهُ اسْتِبْرَاءً حَتَّى تُقِيمَ فِي الدَّمِ مَا يُعْرَفُ وَيُسْتَيْقَنُ أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لِرَحِمِهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا الدَّمُ اسْتِبْرَاءً إذَا لَمْ أَجْعَلْهُ حَيْضَةً تَامَّةً وَإِنْ كُنْتُ أَمْنَعُهَا مِنْ الصَّلَاةِ.
فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الطُّهْرِ، كَيْفَ يُعْرَفُ عَدَدُ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ حَتَّى يُجْعَلَ الدَّمُ الثَّانِي حَيْضًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ وَالْخَمْسَةُ إذَا طَهُرَتْ فِيهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَيْضَةِ الْأُولَى.
قَالَ: وَمَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَذَلِكَ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَقَالَتْ قَدْ حِضْتُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ؟
قَالَ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ، فَإِنْ كُنَّ يَحِضْنَ كَذَلِكَ وَيَطْهُرْنَ صُدِّقْنَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ عَدَدِ أَيَّامِ الطُّهْرِ، فَإِنْ قُلْنَ: هَذِهِ الْأَيَّامُ تَكُونُ طُهْرًا فِيمَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، وَجَاءَ هَذِهِ الْأَمَةَ بَعْدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ الدَّمِ مَا يَقُلْنَ النِّسَاءُ: إنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ، وَلَا يَشْكُكْنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِلَّا فَلَا.

.فِي اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ تُبَاعُ ثُمَّ يَسْتَقِيلُهَا الْبَائِعُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ اسْتَقَالَنِي الْبَائِعُ فَأَقَلْته قَبْلَ أَنْ نَفْتَرِقَ، أَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَمْ يَغِبْ عَلَى الْجَارِيَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ انْقَلَبْت بِهَا ثُمَّ اسْتَقَالَنِي؟
قَالَ: إنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ فِي مِثْلِ مَا غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي أَنْ تَحِيضَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ عِنْدَهُ قَدْرَ مَا يَكُونُ فِي مَبْلَغِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي مُوَاضَعَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَطَأُ الْبَائِعُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَهَلَاكُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَضَعْهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنَّمَا قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاءِ وَحَازَهَا لِنَفْسِهِ، فَالْمُشْتَرِي لَمْ يَسْتَبْرِئْ فَتَحِلُّ لَهُ فَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ فَلَا يَطَؤُهَا الْبَائِعُ أَيْضًا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِنَفْسِهِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَائْتَمَنَهُ الْبَائِعُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاءٌ إذَا ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ عِظَمَ حَيْضَتِهَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَهَا الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْضًا لِنَفْسِهِ فَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ ذَلِكَ، وَلَوْ وَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ مَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا اسْتَقَالَهُ وَرَجَعَتْ إلَيْهِ فِيهَا اسْتِبْرَاءٌ، فَإِنْ طَالَ مُكْثُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَاضَعَاهَا فِيهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ إذَا لَمْ تَحِضْ فَإِذَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَاهَا فِيهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَخَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ فَقَدْ حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اسْتَقَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ هَذَا فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهَا حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ الْبَائِعُ وَصَارَتْ عَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُوَاضَعَةُ، وَصَارَ الْمُشْتَرِي إنَّمَا هُوَ تَارِكُهَا فِي مَوْضِعِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَقِيلِ بُدٌّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إلَّا أَنْ يَسْتَقِيلَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْجَارِيَةِ، وَالْجَارِيَةُ فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ فِي عِظَمِ دَمِهَا، فَإِذَا فَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ إلَّا أَنْ يَسْتَقِيلَ فِي آخِرِ دَمِهَا فَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا؟
قَالَ: فَعَلَى الْبَائِعِ الْمُسْتَقِيلِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ وَلَهُ الْمُوَاضَعَةُ عَلَى الْمُقِيلِ.
قُلْتُ: وَلِمَ وَهِيَ لَمْ تَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دَمِهَا؟
قَالَ: لِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ أَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ حَلَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ وَأَنْ يَصْنَعَ بِهَا مَا يَصْنَعُ الرَّجُلُ بِجَارِيَتِهِ إذَا حَاضَتْ، وَإِنْ أَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الدَّمِ أَوْ فِي عَظْمِهِ رَأَيْتُهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ فِي عَظْمِهِ، فَإِنْ أَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فِي آخِرِ دَمِهَا فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الْحَيْضَةُ.
قُلْتُ: لِمَ أَمَرْتَ الْبَائِعَ حِينَ اسْتَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؟
قَالَ: لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ تَحْمِلُ فِي آخِرِ الدَّمِ إذَا وُطِئَتْ فِيهِ، فَلَا أَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ الْجَارِيَةُ، وَهِيَ لَوْ اُشْتُرِيَتْ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ تُجْزِ مَنْ اشْتَرَاهَا هَذِهِ الْحَيْضَةُ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا مَحْمَلَ الِاشْتِرَاءِ الْحَادِثِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فِي آخِرِ دَمِهَا: إنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ اسْتِبْرَاءً آخَرَ وَلَهُ الْمُوَاضَعَةُ وَعُهْدَتُهُ قَائِمَةٌ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَهِيَ حَائِضٌ هَلْ تُبْرِئُهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ؟
قَالَ يَحْيَى: أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَهُوَ أَمْرُهُمْ إلَى الْيَوْمِ أَنَّ الْوَلِيدَةَ إذَا اُشْتُرِيَتْ فَإِنَّمَا يُبْرِئُهَا وَيُسَلِّمُ لِلَّذِي اشْتَرَاهَا إذَا حَاضَتْ حَيْضَةً وَاحِدَةً.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: يُقَالُ: أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ وَلِيدَةً تَحِيضُ فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ حَتَّى تَحِيضَ فَمَاتَتْ فَهِيَ مِنْ صَاحِبِهَا حَتَّى تَحِيضَ، وَكُلُّ عُهْدَةٍ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ بُكَيْر: وَيُقَالُ: أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَأَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَفِي نَفْسِهِ خُصُومَةُ صَاحِبِهَا فِيهَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي جَارِيَةٍ وُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ حَتَّى تَحِيضَ فَمَاتَتْ بِأَنَّهَا مِنْ الْبَائِعِ.
أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنْ كَانَتْ حَاضَتْ فَهِيَ مِنْ الْمُبْتَاعِ.
قَالَ يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ آخَرَ فَدَعَاهُ إلَى ثَمَنِهَا، فَقَالَ: سَوْفَ فَمَاتَتْ الْوَلِيدَةُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْوَلِيدَةُ مَاتَتْ فِي الْعُهْدَةِ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ حَاضَتْ فَهِيَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ وَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا.

.اسْتِبْرَاءُ الْجَارِيَةِ يُبَاعُ شِقْصٌ مِنْهَا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ شِقْصًا مِنْ جَارِيَتِي أَيَأْمُرُنِي مَالِكٌ أَنْ نَتَوَاضَعَاهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ شِقْصًا، مِنْهَا ثُمَّ اسْتَقَلْتُهُ فَأَقَالَنِي بَعْدَمَا تَوَاضَعَاهَا فَحَاضَتْ، أَوْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَبِعْتُهُ شِقْصًا مِنْهَا فَاسْتَقَلْتُهُ بَعْدَمَا أَمْكَنْتُهُ مِنْهَا، أَيَجِبُ عَلَيَّ الِاسْتِبْرَاءُ؟
قَالَ: نَعَمْ، يَجِبُ عَلَيْكَ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّهَا قَدْ حَرُمَتْ عَلَى الْبَائِعِ حِينَ حَاضَتْ وَلَهُ عَلَى الْمُقِيلِ الْمُوَاضَعَةُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ قَدْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ، فَلَمَّا اسْتَقَالَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيٌّ مِنْ النَّاسِ، فَلَهُ الْمُوَاضَعَةُ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لِلْمُسْتَقِيلِ عَلَى الْمُقِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ غَابَ عَلَيْهَا إذَا كَانَ قَابِضًا لَهَا وَأَخَذَهَا عَلَى الْقَبْضِ وَهِيَ لَوْ أُصِيبَتْ كَانَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَكَانَ الْمُسْتَقِيلُ أَجْنَبِيًّا مِنْ النَّاسِ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي قَبَضَهَا عَلَى الْإِيجَابِ، فَلِذَلِكَ صَارَ ضَمَانُهَا مِنْهُ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ وَأَنَّهُ لَا يَتَّقِي فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ مَا يَتَّقِي مِنْ الَّتِي تُبَاعُ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَلِلسُّنَّةِ فِيهَا.

.اسْتِبْرَاءُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا بِيعَتَا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتِهِ، فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي، أَيَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَهَا عَلَى الْحِيَازَةِ وَلَمْ يَتَوَاضَعَاهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ.

.اسْتِبْرَاءُ الْجَارِيَةِ يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ عَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ جَارِيَةً، أَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ انْتَزَعَهَا السَّيِّدُ كَانَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَيَكُونُ هَذَا مِثْلَ الْبَيْعِ.

.فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ تُبَاعُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ تُرَدُّ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي بِعْتُ جَارِيَةً لِي عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا، فَتَوَاضَعْنَاهَا وَهِيَ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ أَوْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَدَفَعْتُهَا إلَيْهَا فَاخْتَارَ الرَّدَّ أَوْ اخْتَرْتُ الرَّدَّ، أَيَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَسْتَبْرِئَ إذَا غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَهُوَ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ كَانَ لَوْ وَطِئَهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا وَاخْتِيَارًا فَقَدْ خَلَا بِهَا وَقَدْ كَانَ لَهُ مَا أَعْلَمْتُكَ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ أَيْضًا أَحَبُّ لِسَيِّدِهَا أَنْ لَا يَمَسَّهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يُؤْمَنُ إذَا غَابَ عَلَيْهَا.

.فِي اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ تُرَدُّ مِنْ الْعَيْبِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اُشْتُرِيَتْ جَارِيَةٌ فَرَدَّهَا مِنْ عَيْبٍ، هَلْ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاءٌ؟
قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا كَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ، وَضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنْ لَا مُوَاضَعَةَ عَلَى الَّذِي يُرَدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ كَانَتْ الْمُصِيبَةُ فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَكُونُ عَلَى الَّذِي رَدَّ بِالْعَيْبِ مُوَاضَعَةٌ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ بَيْعٍ وَلَيْسَ هُوَ بَيْعًا ابْتِدَاءً.

.مَا يَنْقَضِي بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ أَمَةً حَامِلًا فَأَسْقَطَتْ سَقْطًا لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ، أَيَنْقَضِي بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا أَلْقَتْهُ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ مِنْ دَمٍ أَوْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَسْتَيْقِنُ النِّسَاءُ أَنَّهُ وَلَدٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَلْقَتْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحُرَّ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا وَتَكُونُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، فَكَذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدِي مِثْلُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَتْ الْأَمَةُ: قَدْ أَسْقَطْتُ، أَيُصَدِّقُهَا سَيِّدُهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: السَّقْطُ لَا يَخْفَى دَمُهُ وَيَنْظُرُ إلَيْهِ النِّسَاءُ، فَإِنْ كَانَ بِهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إذَا طَهُرَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مِنْ الدَّمِ مَا يَعْلَمُ النِّسَاءُ أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ لَمْ تُصَدَّقْ.